لماذا تصر حكومة المشيشي على إخراج القصرين من الخارطتين الصحية والسياسية ؟
كما كانت دوما ، تظل القصرين محرارا للحراك الاجتماعي ، وجهة رفض وتصد لقرارات السلطة ، أي سلطة ، فما بالك إن كانت قرارات تزيد من وضع أبنائها المفقرين فقرا ، وتوصد أمامهم أبواب المستقبل الزاهر الذي ظلوا يحلمون به دهورا ودهورا … يحلم بها رضيعهم حتى يشيب ثم يورث الحلم لأبنائه وأحفاده . هو حلم بات في عيونهم أسطوريا …. حلم القصرين الجهة النامية التي تتوفر بها كل المرافق ، والمؤسسات ، ويتوفر بها الشغل الذي يكفل كرامة كل أبنائها وبناتها .
القصرين ، الأرض الحرشاء ، ، فقدت ثقتها في السياسيين ، وفي الحكومات المتعاقبة لأن كل المسؤولين الذين زاروها في فترات غليانها واحتجاجاتها ، أعلنوا عن قرارات ووعود وهمية لم تتحقق ، وعقدوا جلسات استماع مع شبابها وفعالياتها ، ومجالس وزارية ، لم تف بتعهداتها .
القصرين ، تشعر بالخذلان ، خذلان أحزابها الغائبة عن دائرة الفعل ودوائر القرار ، وخذلان نوابها ، الذين تناسوا وعودهم الانتخابية وانخرطوا في أجندات أحزابهم وحساباتهم الخاصة وخير جلّهم الاستقرار في العاصمة .
القصرين ، تشعر خلال هذه الأيام الكئيبة الحزينة التي نخرت الكورونا فيها جسدها النحيل ، واستشرى الموت في كل مفاصلها ، وعجز مستشفاها الجهوي عن احتمال التدفق الذي يفوق طاقة احتماله من النعوش والجثث والمصابين المتلهفين لجرعة أكسيجين أو لسرير إنعاش من ضمن خمسة أسرة مخصصة لنصف مليون ساكن ، تشعر اليوم كما كانت تشعر دوما بالاختناق وانسداد الآفاق ، وطعم الحقرة التي ثارت من أجلها ، وبأن الوطن الذي دفعت في سبيله أرواح فلذات أكبادها وخيرة شبابها ، يعرض عنها ويتركها لمصيرها ، دون أن يرف له جفن ، أو يرتد له طرف مهما تعالت فيها صيحات الفزع وطلب النجدة ، مهما ارتفعت فيها أعداد المصابين والمتوفين ومهما تصاعدت أعداد الذين يصارعون الموت في أروقة مستوصفاتها ومستشفياتها ، وكأنها ليست قطعة من الخريطة .
في ظل هذه المناخات الصعبة التي تستوجب وقفة حازمة من السلطة الجهوية والمحلية لهندسة بروتوكولات خاصة بها وحفظ أرواح متساكنيها واتخاذ القرارات الجريئة ) على غرار قرارات الموجة الأولى والتي جعلت الجهة بمنأى من استفحال انتشار الكورونا ( ، تنام الحكومة قريرة العين وهو تعلم أن القصرين دون وال وأن ثلث معتمدياتها دون معتمدين ) فريانة / سبيطلة / فوسانة / حاسي الفريد ( ، باحثة في سجلات معتمدين سابقين فاشلين أو مطرودين أو فاسدين عمن يمكن أن تلقي به في أتون جهة صعبة المراس ، ساعية لإرضاء لوبيات ونواب فاشلين يبحثون عن دمى يحركونها بأصابعهم من خلف الستار .
فلتحذر الحكومة من تعيين فاشلين ، أو هواة ، أو متربصين ، لأنها تكون بذلك قد بخست القصرين حقها على المجموعة الوطنية ، ولتعلم أن أهالي الجهة قد عيل صبرهم من العبث والتجاهل والتلكؤ الذي يتعرضون له ، ولتسارع إلى عقد مجلس وزاري عاجل خاص بالجهة قبل فوات الأوان ، وقبل أن يفيض كأس صبر القصارنية ، خاصة وهي تعلم أن القصارنية إن بلغ بهم الغضب مبلغا عظيما ، تتزعزع الكراسي الوثيرة في كل من القصبة وباردو وقرطاج .
لطفي هرماسي