السعودية وإسرائيل… تطبيع غير رسمي على شبكات التواصل
اعتبر باحث إسرائيلي أن ظاهرة الرسائل السعودية لإسرائيل عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي ليست وليدة حرية التعبير، وإنما بمصادقة جهاز السلطة في السعودية، وأنها تدخل في باب التطبيع غير الرسمي.
وفي مقالة نشرتها صحيفة “يديعوت أحرونوت” في موقعها على الشبكة، أشار الباحث آدم هوفمان، وهو طالب دكتوراه في العلوم السياسية في الجامعة العبرية، وباحث في دراسات الشبكات الاجتماعية الشرق أوسطية في مركز “موشي ديان” في جامعة تل أبيب، إلى تغريدة نشرها سعودي يدعي محمد القحطاني، يعزي فيها “الشعب الإسرائيلي”، بمقتل المجندة المستوطنة أوري أنسباخر، ويصف قاتلها بـ”الإرهابي الفلسطيني”، حيث كتب “نيابة عن الشعب السعودي نعزي الشعب الإسرائيلي في مقتل الشابة أوري من قبل ارهابي فلسطيني وندعوا (بدل ندعو.. الخطأ من المصدر عرب 48) الله ان يرحمها. ونحمد الله على سرعة القبض على الارهابي الفلسطيني من قبل القوة الاسرائيلية شاباك والشرطة الخاصة”، علما أن هذه الرسالة تضمنت صورة للمجندة القتيلة وصورة أخرى تجمع العلمين الإسرائيلي والسعودي، وحصلت على عدد كبير من “اللايكات” (Like) وإعادة النشر.
وكتب في تغريدة أخرى “نعيش بسلام مع أصدقائنا الإسرائيليين”، مرفقة بصورة لجوازي سفر إسرائيلي وسعودي.
كما يشير في هذا السياق إلى أن توجه جهات سعودية بشكل مباشر إلى الجمهور الإسرائيلي ليست جديدا البتة. ففي آذار/ مارس 2018، توجه الصحفي السعودي لؤي الشريف، الذي يتقن اللغة العبرية، في شريط مصور إلى الجمهور الإسرائيلي يؤكد فيه أن السعودية لا تنوي تهديد إسرائيل.
وفي رسالة مصورة أخرى من تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2018، قال مواطن سعودي إن “السعوديين يريدون السلام مع إسرائيل”، وعبر عن رغبته بزيارة تل أبيب.
وتساءل هوفمان عن أي حد تمثل مثل هذه الرسائل رأي الإنسان العادي في الشارع السعودي، إلا أنه يؤكد على أن مثل هذه الرسالة، ورغم أنها لم تنشر من قبل جهات رسمية، إلا أنها ما كانت لتنشر بدون مصادقة السلطات السعودية، مشيرا إلى أن “السعودية هي نظام ملكي مطلق، وحرية التعبير الضيقة أصلا تقلصت أكثر في السنتين الأخيرتين في فترة ولي العهد، محمد بن سلمان”.
وبحسبه، فإن هذه الرسائل على الشبكات الاجتماعية تنشر من قبل مواطنين، وليس من قبل جهات رسمية، ولكن يمكن اعتبارها بمثابة “رسائل غير مباشرة من النظام السعودي إلى الجمهور الإسرائيلي”.
وكتب أن “للسعودية، وخاصة في السنوات الأخيرة، مصلحة مشتركة في التقرب من إسرائيل، وذلك على خلفية التهديد الإيراني وتصاعد الإسلام الراديكالي، وهي ترى في التقارب مع إسرائيل خطوة مطلوبة، ولكن غياب الحل للقضية الفلسطينية لا يسمح لها بالتقدم المكشوف في الاتصالات مع إسرائيل. كما أن المركب المركزي في مبادرة السلام العربية هو الحاجة لاتفاق إسرائيلي – فلسطيني كشرط لتطبيع العلاقات مع العالم العربي، ولكن هذا الشرط تغير منذ ذلك الحين”.
وكتب أيضا أنه “بسبب عدم تحقيق تقدم، وعلى خلفية تقرير القناة 13 الإسرائيلية، بأن نتنياهو رفض مبادرة سياسية سعودية لتجديد عملية السلام وإعادة إعمار قطاع غزة بعد الجرف الصامد (الحرب العدوانية على قطاع غزة في صيف عام 2014 – عرب 48)، فإن شبكات التواصل الاجتماعي توفر للسعوديين قناة اتصال مباشرة وغير ملزمة مع الجمهور الإسرائيلي. ويتيح استخدام شبكات التواصل للسعودية إجراء عملية تطبيع غير رسمية مع الرأي العام الإسرائيلي، والكشف بشكل تدريجي عن السعودية كعامل يعارض الإرهاب الفلسطيني وسلطة حماس في غزة، وأنها معنية بالسلام مع إسرائيل، والتأكيد لها على أنه يوجد هناك من يمكن التحدث معه”.
ومن جهة ثانية، يضيف الكاتب، ونظرا لأن هذه الحسابات غير رسمية، فإن عدم تحقيق تقدم معلن في العلاقات بين السعودية وإسرائيل لا يلزم القيادة، ولن يحرجها في حالة غيرت توجهها نحو إسرائيل.
كما لفت إلى أن السعوديين ليسوا الوحيدين الذين يستخدمون شبكات التواصل الاجتماعي كقناة اتصال مع جمهور في دولة أجنبية، حيث أن وزارة الخارجية الإسرائيلية فتحت مؤخرا “سفارتين افتراضيتين” (حسابات فيسبوك وتويتر بمضامين عربية) مع العراق ودول خليجية.
وأنهى بالقول إنه “في حين تواصل إسرائيل الدفع بالحوار عن طريق حسابات رسمية، فإن السعوديين يعملون بطريقة أخرى، حيث أن الرسائل ربما تهدف إلى إعداد الرأي العام الإسرائيلي والعربي للتطبيع كنتيجة لصفقة القرن. وطالما لا يحصل تقدم في القضية الفلسطينية، يبدو أن التفاعل بين إسرائيل والسعودية محكوم عليه بأن يبقى بين مستخدمين عاديين في شبكات التواصل الاجتماعي، إلى جانب مواصلة العلاقات السرية المعروفة بين الطرفين”.