مهرجان القصرين : قراءة تقييمية للشوط الأول من الدورة 42
إثر سبع عروض موفقة إجمالا ، يدخل مهرجان القصرين الدولي في دورته 42 شوطه الثاني الليلة بعرض للفنان الشاب مرتضى الفتيتي الذي نجح خلال السنوات الأخيرة في لفت الأنظار إليه بأسلوبه المتفرد وصوته الدافئ وحضوره الجذاب وأغانيه التي تجمع بين جودة الكلمات واللحن الشجي ، والذي من المنتظر أن يشهد حضورا جماهيريا كثيفا على غرار العروض الكبرى التي أنجزت على المسرح الأثري سيليوم . ولعلنا حين نروم تقييم المرحلة الأولى ، بعيدا عن التقييمات العدمية التي تعودنا عليها كل سنة من قبل من لا علاقة لهم بالمهرجانات ، ولا بالساحة الثقافية ، أو من قبل أبطال الديجيتال الذين يقبعون خلف هواتفهم يزرعون الإحباط خلف كل جهد أو عمل أو حدث يحدث داخل الجهة ، أو من قبل الشعبويين الذين يرون أن الاعتمادات التي تنفق على الثقافة وعلى المهرجانات كان يجب أن توزع عليهم أو على غيرهم ، لنقول أن ما أقدمت عليه جمعية خطوة من قبول تحمل مسؤولية مهرجان في عراقة وقيمة مهرجان القصرين الدولي في ظرف قاس من حيث التوقيت ، ومن حيث ضعف الاعتمادات ، ومن حيث التأخير الحاصل في صرف الدعم العمومي ، لابد أن يحسب لها باعتبارها جمعية شابة ، لم يسبق لأعضائها خوض مغامرة بهذا الحجم بكل ما فيها من جهد وضغط ومسؤولية أخلاقية وقانونية ، خاصة وأن جمعيات أخرى أقدم وأعرق وأكثر خبرة رفضت أن تخوض تجربة بهذه التعقيدات والصعوبات والمناخات . ودون مزيد التفصيل في الظروف والصعوبات التي رافقت الولادة العسيرة لهذه الدورة نحاول باختزال أن نبدي بعض الملاحظات التقييمية حول الشوط الأول من المهرجان الذي شهد إلى حد الآن سبعة عروض :1. دارت العروض جميعها باستثناء العرض المسرحي تحيا الحرب وسط حضور قياسي امتلأت فيه المدارج بجمهور وفي صار منذ السنوات الأخيرة أحد نقاط قوة المهرجان 2. نثمن شجاعة إدارة المهرجان في إدراج العمل المسرحي لمركز الفنون الدرامية والركحية بالقصرين تحيا الحرب الذي أجمع النقاد على جودته والذي أخرجه الدكتور غوث زرقي ضمن برمجة هذه السنة ، رغم تأكدها من ان الحضور لن يكون قياسيا ، لأن المهرجانات التي تحترم ذاتها لا تفكر فقط في الحضور والمداخيل ، وإنما في إرساء تقاليد جديدة تعود بها الجمهور على استهلاك مادة ثقافية لا رقص ولا تصفيق ولا ضحك فيها ، وتجعله يفكر ويتساءل ويتأمل ، وتمنح بالإضافة إلى ذلك الفرصة للعروض الجادة غير التجارية بالتواجد ضمن الوجبة الثقافية التي تعرضها على جمهورها .3. لا ريب أن اتفاقية الشراكة بين مهرجاني القصرين و قرطاج قد عادت بالنفع على هذه الدورة ، وان كبرى العروض ) نوردو / يسرى محنوش / كريم الغربي / مرتضى الفتيتي / صابر الرباعي ( لم تكن لتقام على مسرح سيليوم لو لا هذه الشراكة التي لابد أن نحيي أصحاب الفكرة في عقدها .4. على غرار السنوات الفارطة ، أكدت العائلات القصرينية مرة أخرى أنها وفية للمهرجان وعروضه ، وأنها تجد فيه ملاذا يخرجها من لظى الحرارة المرتفعة وانعدام المرافق الترفيهية فضلا على أنها أبانت على ذوق رفيع في اختيار ما يروق لها من العروض ، وعلى مستوى راق جدا في أناقة الحضور وجمال التفاعل والتشجيع مما يسر عمل الفنانين الذين اعتلوا مسرح سيليوم وأسعدهم وجعلهم يوثقون اللحظة بصور وفيديوهات نشرت على صفحاتهم الرسمية .5. لأول مرة ومنذ سنوات تنجح هيئة مديرة في التعاقد مع الشركة الجهوية للنقل بالقصرين لتوفير حافلة لنقل جمهور المهرجان من ساحة الشهداء وسط المدينة إلى المسرح الأثري سيليوم ، والعودة به إثر انتهاء السهرات ، وهو إنجاز يستحق كل تثمين .6. قرار الهيئة المديرة القاضي بتخفيض أثمان تذاكر السهرات الكبرى كان إحدى العلامات المضيئة التي شجعت الجمهور على حضور مختلف السهرات وساهمت في امتلاء المسرح في جل العروض .7. لاحظنا تأخير صعود بعض الفنانين لركح المسرح على غرار النوردو الذي برر ذلك بأن سيارته ضلت طريقها ، ويسرى محنوش التي أخرت المطار تركيب الأجهزة الصوتية وتجريبها في وقت قياسي ، ولكن العرضين رغم ذلك نجحا بسبب الروح الإيجابية التي تحلى بها الفنانان ، وحسن قبول وتفاعل الجمهور معهما .8. نشد على أيادي المكلفين بالإعلام في المهرجان ) الزميلان رؤوف جباري وحفاوة دخيللي ( لدورهما في تيسير وسلاسة عمل الصحفيين المكلفين بتغطية المهرجان 9. على امتداد ليالي المهرجان أظهرت القوات الحاملة للسلاح تعاونا وتفهما وسلاسة في التعامل مع مختلف الأطراف المتداخلة من هيئة وجمهور وصحفيين على خلاف دورا ت سابقة اتسم فيه أداؤها بالتشنج أحيانا خاصة خلال السهرات الكبرى .10. تميزت الدورة الحالية بحضور وازن لمختلف وسائل الإعلام المحلية ومراسلي وسائل الإعلام الوطنية ، ومنتوج إعلامي نوعي يفوق جودة ما شهدناه خلال الدورات السابقة ، كما سجلنا تنافسا بين مختلف هذه الوسائل في تأمين تغطيات مباشرة وتقارير وصور تعطي فكرة دقيقة عن مختلف فعاليات وكواليس الدورة 42 من المهرجان .11. لابد من تثمين ما أقدمت عليه الهيئة المديرة من تمكين عديد المواهب الشابة من تقديم عروض قصيرة لإنتاجاتها على هامش العروض الكبرى تشجيعا لها ، وتحفيزا لها على مزيد العمل حتى تقدم في قادم الدورات عروضا متكاملة إن هي اجتهدت وثابرت وآمنت بمواهبها وبلغت من النضج والجودة ما يمكنها من الوقوف على ركح سيليوم وغيره من المسارح 12. من جملة 13 عرضا ، كان من نصيب أبناء الجهة عرضان فحسب ) مسرحية تحيا الحرب لغوث زرقي وطروق القصبة لمحمد مسعودي ( وهو عدد قليل نسبيا نعتقد انه من الواجب أن يرتفع خلال الدورات القادمة .13. خلو برنامج الدورة من سهرة خاصة بالأطفال يعد نقيصة لابد من تلافيها خلال الدورات القادمة خاصة وأن بالجهة من يستطيعون تأمين سهرات ناجحة جدا لهذه الفئة العمرية .14. ندعو هيئة المهرجان إلى العمل مستقبلا على تأمين دعوات خاصة لبعض رموز الثقافة من أبناء الجهة ممن تداولوا على المهرجان ، وممن كانوا ومايزالون في أوج العطاء .15. باستثناء يسرى محنوش التي حضر فريق تسويقي لها قبل. عرضها بأيام نلاحظ تقصير الفنانين في مد هيئة المهرجان بومضات تخص مواعيد سهراتهم بالقصرين ، وعلى الهيئة المديرة تلافي هذه النقيصة خاصة وأن عددا من الفنانين الذين سيؤمنون السهرات القادمة غير معروفين بالقدر الكافي رغم جودة عروضهم .هذه بعض الملاحظات على الحساب في انتظار تقييم نهائي ننشره في ختام الدورة بإذنه تعالى
.لطفي هرماسي