يبدو أن معضلة تعاقد المستشفى الجهوي بالقصرين مع تردي الخدمات وانعدام النظافة تتأبد ، وتتحول تدريجيا إلى قدر محتوم على أبناء الجهة ، ومستخدمي هذا المرفق الذي كان العمل على النهوض به وتحويله إلى مستشفى جامعي على رأس مطالبهم خلال أحداث الثورة .
وعلى خلاف ما يبدو أنه جهد استثنائي من أجل تحسين للواجهات وإضافة للأقسام والاختصاصات فإن الوضع الداخلي في تفاصيله ما يزال مترديا للغاية .
وبمتابعة ومعاينة بسيطة لمختلف أقسام المستشفى الجهوي نتبين مايلي :
- الغرف وظروف الإقامة : تنتشر في مختلف الأقسام غرف مخصصة للإقامة بعضها مكتظ والبعض الآخر شبه خال إلا من خنافس دورات المياه les cafards السوداء المنتشرة في كل الغرف والأقسام ، والتي تقع على أطعمة المرضى بماتحمله من جراثيم وأمراض كما ان النظافة في كل الغرف غائبة تماما والعناية بها قرار ومراقبة وحسن تدبير ولا علاقة له بالتمويلات ولابالموارد المتوفرة .
- المطبخ : من أكثر الفضاءات ترديا ورداءة وتراكما للأوساخ وانتشارا للروائح الكريهة ، به فرن واحد وتعد به وجبات لاتمت بصلة للمرفق الصحي رداءة وطعما والتزاما بتعليمات الأطباء الذين يرفضون استهلاك ما يتم إعداده من أطعمة داخل مؤسستهم الصحية ، ويثيرون الموضوع منذ عدة سنوات ولكن لاحياة لمن تنادي.
- القسم الاستعجالي : من معضلات المستشفى الجهوي التي تأبدت رغم كل الاحتجاجات ، وبه قاعة فحص واحدة يشتغل بها 3 أطباء في نفس الوقت ، يعالجون 3 مرضى في الآن ذاته دون اعتماد لعملية توزيع المرضى حسب الحالات ونوع المرض أو الإصابة وهو أمر معمول به في أقسام الاستعجالي في كل من سوسة و المنستير و تونس ،ويتساءل المواطنون بكل إلحاح حول أسابا عدم فتح القسم الاستعجالي الجديد وانتداب عدد كاف من الممرضين من أبناء الجهة لتأمين الخدمات به بحسب مقاييس شفافة ونزيهة ، كما يتحدث البعض عن وجود شبهات حقيقية تتعلق بالتلاعب بالشهائد الطبية الأولية للحوادث من قبل بعض أطباء في قسم العظام وذلك بالمبالغة في توصيف درجة خطورة بعض الإصابات بمقابل مالي .
- قسم العمليات : يتميز بوضع كارثي ، إذ تجرى كل العمليات في غرفة واحدة مهما كان نوع التدخل والموضع سواء كان متعفنا او غير متعفن ، وهو أمر مخالف للمعايير الصحية الدولية و الوطنية و يتسبب في تهديد مؤكد لحياة المرضى و قد يسبب في تعفنات حادة و قاتلة، وقد تفاقمت هذه الظاهرة خصوصا مع تزايد عدد التعفنات لمرضى العظام الذين يتم تركيب أجهزة معدنية للتقويم الذين يصابون بما نتيجة ذلك بما يسمى sepsis sur matériel ، الذي يعكر من حالتهم الصحية ويجعلهم يعانون من تعقيدات صحية قد تؤدي في حالات كثيرة إلى موتهم ، كما تزايدت خلال السنوات الأخيرة حالات التعفن في الجراحة العامة ، و infection sur plaque
مع غياب تام لمواد تعقيم لمدة تتجاوز السنتين لغرفة العمليات التي تدوم فاعليتها 6 ساعات على الاقل قبل إعادة التعقيم . ويستعمل بمستشفى القصرين عوضا عنها مضخة عديمة الفائدة ، وهو ما تؤكده طبيبة مختصة في النظافة ، لتضيف أن العينات التي تم رفعها من قاعة العمليات كلها ايجابية وتثبت وجود جراثيم كبرى و جد خطيرة ،أما فيما يتعلق بالإطار الطبي فإنه رغم توفر 10 جراحين 5 منهم في الجراحة العامة ، و5 في جراحة العظام ، لايعمل منهم سوى طبيب واحد يوميا بسبب توفر قاعة واحدة ، وطاولة واحدة ، تعطلت مؤخرا للمرة الثانية على التوالي في فترة لاتتجاوز الشهرين أدى إلى توقف العمليات المبرمجة و تعطل المرضى نهائيا ، وصارت كل من عمليات الجراحة العامة و المجاري البولية و الأنف و الحنجرة و العمليات المتعفنة تجرى كلها في قاعة واحدة يتداول عليها الاطباء بصورة كارثية و مقززة و تثير الأسف .
5 . قسم الإنعاش : يفتقر قسم الإنعاش لأي طبيب مختص مرسم بالقسم رسميا ، ويوجد بالمقابل في هذا القسم طبيب واحد عام أصيل الجهة يبذل مجهودا جبارا حسب إمكانياته العلمية و يقوم بواجبه،
وبالمقابل هناك طبيبان مختصان غير مقيمين يأتيان من ولايات أخرى لتأمين بعض حصص الاستمرار ، و هو ما لا يكفي للقيام بالإنعاش الطبي الذي يستوجب أطباء مختصين مقيمين دائما داخل القسم . كما أن وجود رئيس قسم الاستعجالي بشكل غير مبرر ، مسقط ،ومستمر بقسم الإنعاش يلاقي رفضا باتا من قبل كل العاملين بالقسم لانعدام كفاءته ، خاصة مع انكشاف ضعف أدائه في قسم الاستعجالي مرجع نظره ، الذي يفتقد لأبسط مقومات ومستلزمات العمل ، والذي يستدعي تغييرا شاملا في تسييره ، وفي الإطار العامل به ، وتوفيرا لأطباء اختصاص من غير الأطباء العامين الذين يتم تكليفهم بحصص استمرار لمجرد ذر الرماد على العيون وسد الفراغات .
6 . العيادات الطبية الخاصة
تشجيعا لأطباء الصحة العمومية على خدمة المصلحة العامة ، وتأمين الخدمات الصحية بالمرفق الصحيي العمومي ، منحت القوانين الجاري العمل بها في قطاع الصحة العمومية للأطباء الدولة الحق في إجراء عيادات خاصة تكميلية مرتين في الأسبوع عطت الحق في APC Activité privée complimentaire يمارسونها بشكل قانوني ، يقبل عليه المرضى اختياريا ، ولتيسير مهمة الأطباء وإرشاد المواطنين ، كان من المفروض إعداد لافتات خاصة أمام كل قسم تذكر بها أسماء الأطباء واختصاصاتهم ومواعيد عياداتهم الخاصة مع التنصيص على أنهم يتمتعون بترخيص من وزارة الصحة للتمييز بين من يعملون في نطاق هذا النوع من العيادات بشكل قانوني من الأطباء وبين من يدعون ذلك ويتقاضون أموالا من المواطنين دون وجه حق ، وحتى يتم حماية الإطار الطبي من التشويه والاتهام بالفساد بسبب قلة ممن يتحيلون على المرضى بعلم وتواطؤ من إدارة المستشفى الجهوي بالقصرين .
وتظل النقائص المذكورة آنفا والمرفوقة بصور من داخل مختلف أقسام المستشفى الجهوي، مجرد عينات لفداحة النقائص وسوء التسيير ووقوع المرفق العمومي الجهوي تحت سيطرة رئيس قسم الاستعجالي الذي يحشر أنفه في كل الأقسام ، ويحرص على تجميع المسؤوليات لديه
