لأول مرة يخونني قلمي و تهرب مني الكلمات خائفة من الغوص بيها في أعماق خاطري و النبش في خبايا واقع أليم
لا افهم الرعشة التي تصيب يدي كلما هممت للكتابة..
لا افهم تلك الدمعة التي تشارف على النزول كلما شرعت في كتابة كلمة “القصرين”
نعم هي جهتي المنكوبة التي اشتقت أن أتغزل بمعالمها و ثرواتها و موقعها الجغرافي .
فعن أي ثروات أتحدث و غابات جبالها أكلتها النيران من كل الجهات و جاءت على الأخضر و اليابس و صرخات الأهالي الذين تحملو كل الظروف فلم يهابوا التهديدات الإرهابية و لم تمنعهم الألغام من أن يتخذوا من الجبال و ثرواتها مصدر رزقهم و قوتهم اليومي.
أردت أن أتحدث أكثر عن هذه الكارثة التي لم تستعد لها السلطة الجهوية بالقصرين برغم التحذيرات المتكررة من الارتفاع الكبير لدرجات الحرارة ، أمام التصاعد اليومي لألسنة اللهب مع صوت النسوة الذين يبكين هاته الجبال بأغانيهم القديمة و التي اخترقت مسامع الجميع ” فنتحسر معهم على هذه الجبال و خيراتها و ننصت بدموع اختلطت بين دموع العاجز و دموع المختنق بدخان الحرائق .
لكن قلمي أبى الكتابة و يمتنع عن الخوض أكثر في هذا الموضوع و كأنه يخبرني بأن اكتنز حبره لأزمات قادمة و متواصلة في بلاد ” الدهشة و النسيان” كما يحلو لبعض شبابها أن يسميها تندرا بإهمال الدولة لهذه الجهة .
في جهتي ، نحن بين المطرقة و السندان بين الاختناق بدخان الحرائق و الاختناق بسبب كورونا. 60% هي نسبة التحاليل الإيجابية للإصابة بكوفيد 19 في القصرين بتاريخ 6 جويلية 2021 أمام استهتار تام من المواطن الذي مل القرارات العشوائية و اللامسؤولة معتبرا أنها قرارات شكلية فقط يقع الإعلان عنها بإشعار بسيط على صفحة الفايسبوك لمركز الولاية في منتصف الليل و التي تتبخر عند الصباح گأنها عربة” سندريلا السحرية .”
في مدينتي ، مواطن لم يجد سبيلا يواجه به هذا الوباء خاصة مع غلاء الأسعار و تراجع المقدرة الشرائية للمواطن و تفاقم ظاهرة الاحتكار بالتوازي مع الأزمات الصحية و الاجتماعية و الاقتصادية و التنموية بالقصرين
مواطن لا يمتلك حتى ثمن شراء كمامة يحمي بها نفسه من العدوى في المقابل إمكانيات تكاد تكون منعدمة في مستشفيات القصرين.. عفوا لقد هذيت ليست بمستشفيات بل هو مستشفى جهوي وحيد يفتقر لكل المعدات الطبية وأستنفذ طاقة إستيعابه القصوى و يشكو نقص الإطار الطبي و الشبه الطبي ..
فما أبشع ذلك المشهد الذي تراه بسبب الاكتظاظ و غياب ابسط الوسائل الوقائية فيه وأنهاك الطاقم الطبي الشبه مفقود عددا أمام غياب الدعم و المساندة من قبل رجال أعمال القصرين و نوابها الذين انشغلوا في خدمة مصالحهم و نسوا أهلا أنتخبهم و تأمل بهم خيرا لكن خانوا العهد و الأمانة و سيسجل التاريخ خذلانهم لجهتهم.
ثالوث الفقر و التهميش و الخصاصة يحفر أكثر في أخاديد هذه المنطقة بتفاقم جائحة كورونا و الحرائق بالجبال ليكشف عن مزيد من الخور و الضعف في كل القطاعات ..يكشف عن غياب الدولة و السلطة و اضطهاد شعب حرم الحق في الحياة و في الصحة و في الماء و في التعليم و التشغيل و حتى الحق في التنفس. دوامة هي لم اعرف الطريق للخروج منها و كلمات رمادية مختنقة..أنقل فيها وجعي و ألمي على هذه الجهة المحرومة التي افقد فيها كل يوم بعض الأحبة و الأقارب و شبابا و أطفالا لم يظنوا يوما أن نهايتهم ستكون بسبب وباء ساهمت الدولة بقراراتها اللامسؤولة و الأنانية في انتشاره