لا يمكن للهيئة المديرة لمهرجان القصرين في دورته 39 ولا لمتابعي الشأن الثقافي بالجهة أن يكونوا في حالة من الرضى والارتياح لحصيلة هذه الدورة ومستوى نجاحها أكثر مما كانوا عليه عقب عرض النوبة على ركح مسرح سيليوم الأثري مساء أمس الأربعاء 7 اوت 2019 .
كانت السهرة بالنسبة لإدارة المهرجان محرارا ومقياسا مثيرا للرهبة و” التراك ” خلال اليومين الأخيرين خاصة وأننا إزاء عرض جديد لهواة متخرجين لتوهم من برنامج تلفزي … في سجل نوع خاص من الفنون هو الفن الشعبي المتأصل والذي يعشقه ويحفظه ويردده جل أبناء الجهة في أعراسهم ومناسباتهم .
قد تكون الخشية من خروج العرض عن دائرة السيطرة التنظيمية لسبب أو لآخر ، أو من عدم نجاحه في استقطاب حضور جماهيري يرتقي إلى طموحات الهيئة من حيث الحجم ، ومن حيث النوعية ، إذ يحسب لهذه الدورة بالإضافة إلى تنوع العروض التي تستجيب لكل الشرائح والأذواق ، حيازتها لنواة صلبة من الحضور الوفي الذي أصبحت لديه ثقة في المهرجان ، واستحسان للخيارات ، وارتياح وثقة تامة في حوكمة تنظيمه بفضل جهود الفرق الأمنية والعسكرية الساهرة على تأمينه بالإضافة إلى لجان التنظيم المسخرة من قبل الهيئة المديرة .
على وقع زخات المطر انطلقت سهرة النوبة في حدود الساعة العاشرة و 20 دق التي أخرجها الفنان سمير العقربي ، بصعود نخبة تعد 13 شابا من الذين تألقوا في البرنامج التلفزي ( نوبة Talent ) بالإضافة إلى فرقة موسيقية تتألف من 8 ضباط إيقاع ( 3 طبلة + 3 دفوف + 2 دربوكة ) و 3 عازفين ( قصبة + مزود + أورغ ) .
وبمجرد ظهور نجوم السهرة ( محمد مسعودي / وردي بوثوري / مختار عصيدي ) وثلاثتهم أصيلي جهة القصرين التهبت أكف الجماهير التي غصت بها مدارج مسرح سيليوم ، وارتفع صياحها وتفاعلها رقصا وغناء وتشجيعا وقد استغل منتج البرنامج ( عزمي المزي ) الذي كان يدير المشهد من الكواليس هذا الحماس وهذا التفاعل الرائع ليفرد المسعودي والبوثوري بنصيب الأسد من الأغاني خلال هذه السهرة التي لم يهدأ للجمهور فيها بال منذ انطلاقها رغم هطول امطار متفاوتة الغزارة خاصة في النصف الأول من العرض …. جمهور كان بحق رائعا في تفاعله ، وغنائه ، ورقصه ، وتصفيقه ، وترديده للمقاطع الغنائية التي يحفظها عن ظهر قلب والتي نذكر منها ( على رايس لبحار / يما لسمر دوني / ريم الغزلان / صب الرشراش / على السر والكمون / ليلة والمزود خدام / دور عالزين منور … ) وغيرها من الأغاني الشعبية التي تعاقب على أدائها كل مواهب النوبة .
ساعتان مرتا كالحلم الجميل ، كانتا احلى هدية من جمهور القصرين إلى مواهب القصرين الذين شاهدنا على ملامحهم حالة من النشوة والسعادة الغامرة مما دعا كلا من المسعودي والبثوري في حركة هستيرية فيها فائض كبير من الحماس والانفلات الجميل إلى مفاجأة الجمهور والقفز بين أحضانه والغناء معه على المدارج دون حدوث أي انفلات .
صديق اسباني يدعى Pablo انبهر بالعرض والنغمات ، ولكنه انبهر أكثر بروعة الجمهور وتقاسم مع أصدقاء له في اسبانيا صورا وبثا مباشرا . لم يكن يدور بخلده لحظة واحدة أن القصرين التي لايسمع سوى أنها منطقة توترات اجتماعية وأحداث إرهابية تمتلك مسرحا في روعة مسرح سيليوم ، ولامهرجانا بالحجم الذي عاينه ، ولاحضورا جماهيريا وخاصة نسائيا بالحجم الذي شهده الليلة البارحة .
هوامش :
• افتتاح السهرة كان شعريا من خلال فقرة أمنها الجيل الجديد من شعراء الشعر الشعبي : سامي التليلي وومشهور الشعباني قالبه الجمهور بالتشجيع والتصفيق الحار
• فقرة التكريم التي يقف وراءها المنسق العام للمهرجان الزميل ” حيدر القاسمي ” احتضنت بكل محبة الشاعرين نجمي الجهة أحمد البناني ونجيب الذيبي بالإضافة إلى أحد أبرز رموز الجهة في المجال الثقافي ، وأحد أهم مؤسسي الحركة المسرحية بها ، والأب الروحي للمهرجان الأستاذ عبد الله العيشاوي الذي أداره في 24 دورة من جملة 39 دورة منذ تأسيسه إلى الآن .
• مفاجأة سارة سعد لها الجمهور وتتمثل في ظهور الفنان الشعبي الأول بالجهة وأحد أبرز رموز الفن الشعبي على الصعيد الوطني ” الشاب صاليح ” على ركح مسرح سيليوم برفقة الفنان سمير العقربي .
• في حركة نبيلة ، أمنت الهيئة المديرة 3 تذاكر لثلاث متابعات وفيات لعروض المهرجان تشجيعا لهن على مواكبتهن لجل العروض رغم تواضع الإمكانيات المادية المتاحة لهن .
• نقائص فنية تتعلق بأزياء الفنانين والإدارة الركحية للعرض ومزيد الاشتغال في مستوى الأداء نقلناها عقب العرض لمنتجه عزمي المزي الذي بدا لنا في حالة هستيرية من السعادة في عرض هو الأفضل والأنجح على الإطلاق وقد أسر لنا أن فريق النوبة talent مدعو لتأمين سهرات بكل من باريس ولوس أنجلس وطوكيو وكندا .
تقرير ومتابعة : لطفي هرماسي
صور : غيث ميساوي