مهرجان القصرين الدولي : عرض ناجح لجعفور يلاقي استحسان وتفاعل الجمهور
ساعتان من الضحك والفكاهة والغناء والكوميديا السوداء التي تتعاطى بأسلوب ساخر مع قضايا وأوجاع المواطن والوطن كان خلالهما جمهور مهرجان القصرين الدولي بمسرح سيليوم الأثري في موعد مع جعفر القاسمي مساء الأحد 21 جويلية 2019 في عمله المسرحي الجديد ” جعفرية ” الذي يعود من خلاله إلى الوان مان شو بعد خوضه تجربة واعدة خلال صائفة 2018 تتمثل في تشريك ثلاثي كوميدي صاعد في عمله ” ثلاثة في واحد” .
عرض ” جعفرية ” الذي تمت برمجته في عدد كبير من المهرجانات التونسية خلال هذه الصائفة ظل فيه ” جعفور” بروحه وشكله وحركاته وإيماءاته ورقصه وحواره التفاعلي مع الجمهور وفيا لذاته من خلال مزيج ذكي بين أعماله المألوفة وتعديلات وإضافات جديدة في مستوى النص والسينوغرافيا .
مضمونيا ، تعاطى جعفر القاسمي في عرضه الجديد الذي وصفه بالعائلي مع مواضيع شتى تتعلق خاصة بالمناخات والعلاقات داخل العائلة الواحدة ( الجد ، الجدة ، الأب ، الأم ، الأبناء ، الأقارب …) موظفا الأسماء والمواقف والصفات في نقد الوضع السياسي بالبلاد بشكل ذكي طريف حينا ، وبشكل فيه شيء من المباشراتية حينا آخر .
جعفر القاسمي أطلق النار على الجميع ، و” حل جعفرية ” في السياسيين الذين قادوا البلاد بعد الثورة والذين وصفهم بالفاشلين في قوله : ( الفاشلين يفشلوك ، جيب الناجحين ) ، وفي الانحياز المطلق للرئيس الباجي لابنه حافظ ( كلكم غالطين إلا ولدي حافظ ) ، وفي ارتهان القرار الوطني بين موالين لقطر وموالين للإمارات ، وفي الذين يسيطرون على المشهد الإعلامي والقنوات التلفزية بعد الثورة ، كما لم يسلم من نقده اللاذع سفير فرنسا المتواجد في كل مكان وزمان ببلادنا ، بالإضافة إلى توظيف ذكي لمهارة السخرية من الذات التي اعتمدها للحديث عن فشله في اجتياز البكالوريا وخوفه من امتطاء الطائرة .
ولم تخل مسرحية جعفرية من قيم إيجابية أكد عليها جعفور على امتداد نصه وتتمثل خاصة في قيمة محبة الوالدين وإرضاؤهما ، وفي تثمين دور رجال المؤسستين الأمنية والعسكرية في حماية البلاد ، وفي واجب المحافظة على هذا الوطن العزيز ( ردوا بالكم على الدار ) .
العرض نال رضا الجماهير الغفيرة التي واكبته ، وتفاعلت معه ، وضحكت ، وغنت ورقصت معه ، وصفقت له ، خاصة وأن القاسمي لم يعكر صفوه بأية إشارات أو مفردات خادشة للحياء على خلاف ما يعمد إليه جل ” نجوم ” الأعمال التجارية الذين يؤثثون المشهد التلفزيوني وفضاءات المهرجانات منذ سنوات وإلى حد الآن .
هوامش :
• في مفتتح السهرة قامت الهيئة المديرة للمهرجان بتكريم اللاعب الدولي الأسبق ونجم المستقبل الرياضي بالقصرين خلال ثمانينات وتسعينات القرن الماضي ” محمد علي التباسي ” في بادرة لاقت استحسان وتثمين الجميع .
• على عكس حفل الافتتاح ، رفعت كل القيود الأمنية على تحركات الصحفيين في فضاء المهرجان مما مكنهم من القيام بعملهم واستجواباتهم في ظروف جيدة .
• درجة كبيرة من الوعي والذكاء والتفاعل الإيجابي ميزا جمهور مهرجان القصرين الذي حاز إعجاب وثناء الفنانين الذين يؤثثون هذه الدورة للمرة الثانية على التوالي ( سامي اللجمي / جعفر القاسمي ) .
• ماتزال مشكلة تيسير نقل جمهور المهرجان إلى المسرح الأثري سيليوم خاصة عند نهاية العروض قائمة الذات ، ونعتقد أن جهدا أكبر من السلطة الجهوية ، ومن هيئة المهرجان كفيل بتدارك هذا الأمر والتوصل إلى حل لهذا الإشكال مع الشركة الجهوية للنقل بالقصرين التي تبدو غير متعاونة في هذا المجال .
تغطية صحفية : لطفي هرماسي
تصوير : غيث ميساوي